يسجن الإنسان داخل عقلك باختياره فالشيء الوحيد الذي تستطيع أن تغيير في كل وقت هي أفكارك وهذه الأفكار تشكل قيود وحدود لك فكلما ضاقت هذه الحدود كلما ضاق عليك سجنك وقيدك فهي تشكل إطار لك ولقدراتك ولاختياراتك ونستطيع تعريف الإطار : أنه الحدود التي تحيط بك وتحد من اختياراتك , ولغةَ ” كل شيء يحيط بشيء إطار “يتحرك الناس داخل الأطر التي يتواجدون فيها ويمكن تشبيه الإطار بالسجن , فالسجين يتحرك داخل السجن ولا يستطيع أن يتواجد خارج السجن لأنه جدار السجن هو الإطار الذي يحد من حركته .
وهكذا نجد أن الكثير من الناس سجناء داخل أطر كثيرة قد يدركونها وقد لا يدركونها .
وتنشأ هذه الأطر من تجارب الحياة والخبرة والتعليم والقراءة والأصدقاء والمجتمع ووسائل الأعلام والساسة وتلعب اللغة أو الأسلوب اللغوي الدور البارز والأهم في صناعة هذه الأطر .
فعندما تزور صديق في بيته ويسألك : تشرب شاي أو قهوة ؟
فأنه يستحيل أن يخطر ببالك أن تطلب عصير , هذا أسلوب تأطيري جعل عقلك ينحصر في اختيارات محدده ومنع عقلك من البحث عن جميع الاختيارات المتاحة ونمارسه بدون إدراك والقوة الحقيقية عندما نمارس هذا الأسلوب بقصد وعدما أجعلك تختار ما أريد أنا بدون أن تشعر فنحن تدعوا تربويا لقيادة الأطفال لاستخدام مثل هذا الأسلوب , فتقول أم لطفلها : ما رأيك هل تذهب للفراش الساعة الثامنة أم التاسعة ؟
سوف يختار الطفل الساعة التاسعة وهو ما تريده الأم مسبقاً دون أن يشعر أنه مجبر لفعل ذلك بل يشعر أنه قام بالاختيار ونفس الأسلوب يستخدم في السياسة ففي حادث تحطم طيارة تجسس أمريكية في الأجواء الصينية وبعد توتر العلاقات خرج الرئيس الأمريكي وقال إن الإدارة الأمريكية تستنكر تأخر الصين في تسليم الطائرة الأمريكية جاء الرد قاسي من الإدارة الصينية بأنه سوف يقومون بتفتيش الطائرة بحث عن أجهزة تصنت قبل تسليمها ! حقيقة إن القضية هي هل تسلم الصين الطائرة لأمريكيا أم لا ؟ ولكن الخطاب الأمريكي جعل القضية هي التأخر لماذا تأخرتم فجاء الرد الصيني أنهم قبل التسليم سوف يتم تفتيشها وهذه موافقة مضمنه على تسليم الطائرة .. وفي
حرب العراق الأخيرة كان المعركة الفاصلة معركة المطار قامت وسائل الإعلام بتبعية الطرفين على أن المعركة الحاسمة هي معركة المطار فأصبح جميع القوات العراقية يترقبون هذه المعركة عندما سقط المطار شعر الجميع أن العراق كله سقط وماتت الروح المعنوية والآن يلعب النظام السوري نفس اللعبة في حلب ولكن الظروف مختلفة , هذا أسلوب واحد من عدد كبير من الأساليب التي تجعلك لا ترى إلا ما أريد , وهو أسلوب قوي في قيادة الآخرين والرأي العام من خلال وضع خيارات وهمية تقيد تفكير الطرف الأخر . هذا أسلوب تجده في بعض الأسئلة التي تطرح للعلماء يبحث صاحب السؤال عن فتوى محددة يريد من الشيخ موفقته عليها .
وهكذا الأعلام دائماً ما يضع الحدث في إطار يدعم به القضية التي يريد …, وأنا هنا أقول لك تعرف على الأطر التي تقودك في هذه الحياة وذلك من خلال ما تقوله لنفسك فعندما تقول أنا لا استطيع فإنك وضعت نفسك في إطار, هذا إطار لن تخرج منه وسوف تحققه ولن ترى أي فرصه تجعلك تستطيع أبداً , وعندما تقول أنا تعيس سوف لن ترى أي طريق يؤدي إلى السعادة …, وكل جملة تقولها تعمم فكرة وتحذف عكسها وتضعك في إطار يقيدك في عقلك أنتبه لكل سؤال يقال لك فإنه يقيدك فكثير من السائلين يقيد المفتي ويستخرج الفتوى التي يريد وكثير من المذيعين يضع ضيفه في الزاوية والصف الذي يريده ..
وأخطر من ذلك إطار التوقعات أو ما يعرف بالافتراض المسبق وهو ما تقوله لنفسك قبل البدأ بالعمل أو المشروع ..
عندما تبدأ مشروع وقبل البداية تقول لنفسك أنا أعرف أنه سيفشل هذا إطار يجعلك لا ترى إلا ما يساعدك على الفشل فتصبح قدرتك على ملاحظة ما يدمر مشروعك عالية جداً .
كم من زواج م تدميره بهذا الإطار , كم من طاب توقف عن الدراسة بسبب هذا الإطار , كم من مشروع فشل بهذه الطريقة وأقوى الأطر هي الاعتقادات أقوى ما يقيد الناس هو ما يعتقدونه عن أنفسهم والآخرين وعن أعمالهم كل اعتقاد هو قيد وهذه الاعتقادات قد تكون من العادات مثل شرب القهوة أو الملابس لا يستطيع صاحبها أن من هذه القيود .
كل ما زاد وعي الإنسان ومعرفته استطاع أن يخرج من
هذه الأطر والقيود وهذه الأطر هي لعبة الأعلام والساسة والخطباء والكتاب لكي يقودك إلى ما يريدون هم لا إلى ما تريد أنت .
كاتب المقال المدرب أحمد الرفاعي .