إن أفضل اللحظات التي يمضيها العظماء والحكماء هي تلك التي يعيشونها مع كتاب عظيم أو يقضونها في قراءة ممتعة، يجنون خلالها من ثمار المعرفة اليانعة.
القراءة في حقيقتها هي غذاء الروح، وهواء العقل، ولن تجد شيئا أصعب على العقلاء من أن تمنع عنهم هذه الحياة المتمثلة في القراءة والمعرفة، لذلك فإن أول كلمة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت (اقرأ) وهو الأمي الذي لا يقرأ، لكن بناء حضارة إسلامية كانت تعني أن يكون العلم والقراءة والمعرفة أولى الخطوات لبناء تلك الحضارة.
ومن تتبع حركة التاريخ وجد أن كل الحضارات التي قامت إنما قامت بفضل العلم والمعرفة والقراءة، وكل الحضارات التي انهارت فلأن أهلها تركوا العلم والمعرفة وركنوا للهو واللعب.
القادة هم من يقرؤون:
يقول انتوني روبنز (علمني أحد أساتذتي وهو جيم رون منذ سنوات أن قراءة شيء دسم ذي قيمة سوف يغذيك ويعلمك أشياء جديدة متميزة تجدها أكثر أهمية من تناول الطعام نفسه ، ونتيجة لذلك تعلقت بفكرة القراءة لفترة لا تقل عن ثلاثين دقيقة في كل يوم، فقد قال لي (انس وجبة الطعام ولكن لا تتجاهل فترة قراءتك) ولقد طورت قناعة في فترة مبكرة من حياتي وهي أن القادة هم من يقرؤون).
متعة القراءة:
هذه حقيقة لا يتنازل عنها العظماء والمفكرون وهي أن للقراءة متعة وحلاوة قد تفوق متعة الملذات المحسوسة، حتى أن المثقف يجد أثرها في حياته عامة فهو حين يفرح أو يسعد فإنما يسعد من طرفين: بإحساسه البشري الذي يشاركه فيه حتى الجاهل، وبعقله المدرك الذي يتفاوت من شخص لآخر.
لكن البعض لا يشعر ولا يحاول أن يشعر بهذه المتعة الرائعة فمتى ما أمسك بكتاب تملّكه الشعور بالنعاس والملل، وكلما رأى كتاباً هاله كثرة صفحاته وضخامة حجمه فأحجم عن قراءته، وربما قرأ يوماً كتاباً دسماً لم يفهم شيئاً من محتواه فأصيب بوهم العجز عن القراءة.
هذه الحالات انتشرت كثيراُ في عالمنا العربي حتى غدت هي الحالة العامة لدى الناس، والشاذ من يقرأ أو يطالع.
لا تعتقد بحتمية قراءة الكتاب كاملا
اقرأ منه ما تراه مهما فإن أعجبك أكلمه كله
حتى لا تفقد متعة القراءة:
وحتى لا تفقد متعة القراءة عليك بالنصائح التالية:
1) اقرأ في المجالات التي تحبها وتجد في نفسك الرغبة في التعمق بها.
2) اقرأ في أوقات صفائك الذهني والعقلي.
3) لا تعتقد بحتمية قراءة الكتاب كاملاً، اقرأ منه ما تراه مهماً فإن أعجبك أكمله كله.
4) حاول أن تصطحب معك كتاباً في أماكن الانتظار وأوقات السفر تقطع بقراءته ملل الانتظار.
5) املأ مكتبتك بالكتب المتنوعة في شتى المجالات تختار من أي تخصص أو مجال شئت حين ترغب بذلك.
6) جرّب أن تقرأ كتب الأدب العربي فستجد فيها المتعة والفائدة وتحبب لك القراءة والمطالعة. ابدأ مثلاً بكتب المنفلوطي أو علي الطنطاوي وستشعر كم أن القراءة ممتعة، المهم أن لا تنقطع عن القراءة.
نظرة مبدئية.. قراءة.. تثبيت:
هذه ثلاث خطوات للقراءة، حاول أن تتبعها في أي كتاب تقرؤه وستجد أنها تسهل عليك عملية الاختيار الصحيح والقراءة وتثبيت المعلومة إن قررت قراءة الكتاب.
أولا: نظرة مبدئية:
حينما تقع عينك على كتاب فلا بد أن تتفحصه لترى هل سيفيدك في شيء أو أنك ستستمتع بقراءته، لذلك اطلع على ما يلي:
أ) العنوان.
ب) معلومات الغطاء الخلفية والأمامية.
ج) تاريخ النشر.
د) المقدمة.
ه) قائمة المحتويات أو الفهرس.
و) سيرة المؤلف الشخصية.
ي) بعض الفقرات العشوائية أو المنتقاة.
بعد الإطلاع على هذه النقاط ستخرج بانطباع واضح إن كان هذا الكتاب يستحق القراءة أم لا، وإن كان سيضيف لك شيئاً جديداً.
ثانياً: قراءة الكتاب:
• عندما تتخذ قراراً بقراءة أي كتاب فمن الأفضل أن تحدد وقتاً تقريبياً للانتهاء منه أو من الفصول التي تحتاجها.
• خذ قسطاً من الراحة عندما تشعر بأنك غير قادر على التركيز فيما تقرأ سواء بسبب النعاس أو التعب أو الملل أو الجوع، وبعدها يمكنك أن تتابع.
• ركّز اهتمامك على المعلومات الهامة والتي فيها إحصاءات أو نقولات عن العلماء أو تحليلات موضوعية.
ثالثاً: تثبيت المعلومة:
• كثيراً ما نتذكر أننا قرأنا كتاباً ما لكننا وللأسف لا نستذكر منه أي معلومة أو فكرة، ذلك أن الإنسان كما تذكر الدراسات ينسى في فترة وجيزة (15 دقيقة تقريباً) ما بين 40 إلى 50% من المادة المقروءة.
صحيح أن كل ما نقرؤه يكون لبنة في بناء ثقافتنا وتوسيع مداركنا لكن تذكر المعلومات شيء أساسي في تكوين عقلية مرتبة وموضوعية وقوية، لذلك حاول أن تتبع أحد هذه الأمور أثناء القراءة أو بعدها:
أ) ضع خطاً تحت كل المعلومات المهمة والتقسيمات والتعريفات أوضعها بين قوسين وعد إليها كلما احتجت لذلك.
ب) اكتب المعلومات المهمة على هامش الصفحة.
ج) ضع ملخصاً لكل فصل أو باب عبارة عن سطرين أو ثلاثة، وهذا ما تتبعه الآن دور النشر الراقية لتثبيت المعلومة في ذهن القراءة وسهولة حصوله عليها.
د) إن وجدت أن الكتاب نافع إلى درجة يستحق معها أن تعيد قراءته فلا تتردد في ذلك فكما يقول الأستاذ العقاد (اقرأ كتاباً جيداً ثلاث مرات أنفع لك من أن تقرأ ثلاث كتب جيدة).