مهارات الناجحين في القرن الحادي والعشرين .
الاستمتاع بحل المشكلات
مَن يَطْلب حياةً بلا مشاكل فلْيطْلُبْ كوكبًا آخر يعيش فيه.
تِلك حقيقةٌ لا بدَّ أن يُوقِن بها كلُّ إنسان، ومَن لم يزرَعْها في نفسه ويوطِّنْ ذاتَه عليها، سيُصْدَم بالجدار الصُّلْب الذي لا مَفرَّ منه.
وثَمَّةَ حقيقةٌ أخرى، وهي أنَّ دوام الحال مِن المحال، فمَن يَعِشْ في سرَّاء، فسيمرُّ بضرَّاءَ عاجلاً أم آجلاً، والعكس صحيح .
لمَّا كان لا بدَّ من المشاكل - لا محالة - كان لا بدَّ من مهارة "الاستمتاع بحل المشكلات"، فهي لا تَعنِي مواجهة المشكلات وامتصاصَها، ولا حلَّها فقط، بل الاستمتاع بحلها، فالناس أمام المشاكل على أقسام:
• التضجُّر والتسَخُّط والاعتراض والملامة.
• قَبول المشكلة والسُّكون في حلها.
• تقبُّل المشكلة ومقابلتها بردود أفعال آنية.
• امتصاص المشكلة، والسَّعْي في حلِّها بَعد النَّظر والتفكُّر والتأمُّل.
• النظر إلى المشكلة بعَيْن من التَّفاؤُل، واعتبار إيجاد حلٍّ تحدِّيًا، يجعل الوصول إليه مُتْعةً كبيرة.
ولكي تصِلَ إلى المستوى الأخير، وتَسْتمْتِع بحلِّ المشكلات، ينبغي دراسة مهارات حل المشكلات، والتعرُّف على خطواتها، والتي يُمكن إيجازها بالتَّالي:
1- تحديد المشكلة بدِقَّة؛ فكثيرًا ما نتحدَّث، ونُسْهِب في الكلام والحوار في متفرِّقاتٍ متعدِّدة، ثم نتأمَّل فإذا نحن لم نُحدِّد المشكلة بالضبط.
2- التعرُّف على مظاهر المشكلة، وهنا لا بدَّ مِن المصداقيَّة والواقعيَّة في رصْد الواقع، والنظر إلى مظاهر المشكلة، ولا ننسى البُعْد الزَّمَني وتأثيرَه في تَنامي المشكلة.
3- جمْع المعلومات عن المشكلة مِن عدَّة نَواحٍ: أسباب المشكلة، مَن المسؤول عن هذه المشكلة؟ حجْم المشكلة ومَدى انتشارها... إلخ.
4- طرْحُ الحُلُول المقترَحة، وعدم الاكتفاء بحلٍّ وحيد، فغالِبُ المشاكل - إن لم يكُنْ كلُّها - لها أكثَرُ من حل، ويُمكن الحُصُول على أكثرَ مِن حل بعدَّة وسائل؛ منها طريقة - أو أسلوب - العَصْف الذِّهْني على المستوى الشخصي أو المستوى الجماعي للمهْتمِّين بهذه المشكلة.
5- اختيار أنْسَب حل مِن بين الحلول المقترحة، ويكون أنسَبُ حل هو المبنِي على معايِيرَ مُختارَة بعناية من قِبَل صاحب المشكلة والرَّاغب في حلِّها، وإليك نُموذجًا يُعِين - بعد الله - على ذلك:
ت | الحلول | المعايير | المجموع | |||
التكلفة (10) | الوقت (10) | الإبداع (10) | ||||
1 | ||||||
2 |
6- تنفيذ الحل بعد تهيئة الظروف، وتذْليل صعوبة التَّطْبيق.
7- التَّقْويم والمراجَعة للتأكُّد من "حل المشكلة"، ويكون ذلك بملاحظة آثار المشكلة، ومَدَى تغَيُّرها الإيجابي، أمَّا في حالة عدم التغيُّر الإيجابي للمشكلة، أو ربما حدَثَ تغيُّرٌ سلْبي، فهذا يَعني أنَّ الاختيار للحل غيرُ مناسب؛ مما يتطلَّب العودة مرَّةً أخرى إلى الحلول المقتَرَحة، والبحث في معايير الاختيار بدقَّة، وتطبيقها مرةً أخرى للحُصُول على أنسب حل، وهكذا تستمِرُّ المسألة حتى تتمَّ إزالةُ آثار المشكلة أو تقْليلها.
هذه الخطوات السَّبْع تَحتاج إلى تدريب وممارسة؛ لتصبح سلوكًا لدى الفرد، وكلُّ مَن طبَّقها في حياته لاحظ الفرْقَ الكبير في نظْرته للحياة، وتعامله مع المشكلات.
وقبل خَتْم الكلام لا بدَّ مِن التذكير والتركيز على أهمية وخطورة النَّظْرة الموضوعية للحياة وللمشاكل، ولا بدَّ مِن زَرْع حُسْن الظن بالله، ولا نَنسى كما في الحديث القدسي: ((أنا عندَ ظنِّ عبْدي بي، فلْيظنَّ بي ما يشاء)).
ولا بدَّ من رسم الصورة الحسَنة عن ذاتك، كما لا بدَّ مِن خوْض تَجارِب جديدةٍ مع الاحتمالية الكبيرة للخطأ، فالخطأ قد يكون خُطوةً نحو الصواب.
الأسلوب العلمي لتحليل المشكلات
1- إدراك المشكلة
ظهور أعراض مرضية يلفت النظر إلى وجود خلل في يستوجب التحليل وسرعة الدراسة . أي أن آلية تحليل وحل المشكلات تبدأ بناء على ظهور مظاهر خلل يستوجب الانتباه.
أن تعريف المشكلة هو وجود انحراف عما هو مخطط . ومثلما تدرك الأم بوجود مشكلة لطفلها عند ظهور أعراض مرضية له مثل ارتفاع درجة الحرارة ،كذلك يدرك الفرد أن بوادر مشكلة معينة ستلوح في الأفق فتبدأ بتحليلها والتعامل معها .
وأهمية الخطوة الأولى تكمن في أن عدم الاهتمام بالأعراض و بالتالي عدم إدراك المشكلة قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة تتمثل في عدم قدرة الإدارة على التعامل مع المشكلات المحيطة لأنها لم تستعد لها جيدا .
2- تعريف المشكلة
علاج والتعامل مع الأعراض لا يؤدي إلى الشفاء التام ، لذا يجب أولا التعرف على هوية المشكلة ، أي سبب الأعراض .
والأسلوب العلمي لذلك هو تشخيص المشكلة بتتبع أسبابها و ظروف حدوثها و معدل تكررها وصولا إلي الأسباب الحقيقية التي أدت لظهور الأعراض المرضية. ومن هذا المنطلق يمكن تحديد المشكلة الحقيقية تحديدا دقيقا .
على سبيل المثال فمشكلة تكرر تغيب تلميذ عن المدرسة أو الجامعة تعالج بشكل أفضل عند معرفة الأسباب التي تجعله لا يحب المدرسة، و مشكلة تبديد الطفل لمصروفه لا تحل بمضاعفة المصروف ولكن بدراسة أسباب هذا الإنفاق.
و يجب في هذه المرحلة تحديد إطار زمني لحل المشكلة و البدء في تنفيذ الحلول
3- جمع المعلومات الضرورية
في هذه المرحلة يتم جمع جميع البيانات والمعلومات التي قد تساهم في تفهم جوانب المشكلة وإبعادها وفي نفس الوقت تساهم في حلها ولا تقتصر عملية جمع البيانات والمعلومات على مرحلة من المراحل بل تتم في جميع مراحل تحليل وحل المشكلات.
§ ما هي العناصر الأساسية التي تتكون منها المشكلة ؟
§ أين تحدث المشكلة ؟
§ متى تحدث المشكلة ؟
§ كيف تحدث المشكلة ؟
§ لماذا تحدث المشكلة بهذه الكيفية وهذا التوقيت ؟
§ لمن تحدث هذه المشكلة ؟
§ لماذا تحدث المشكلة لهذا الشخص بالذات ؟
4- تحليل المعلومات
يتم في هذه المرحلة تكامل المعلومات التي جمعها في الخطوة السابقة وذلك لوضعها في إطار متكامل يوضح الموقف بصورة شاملة .
وتحليل المشكلة يتطلب الإجابة على الأسئلة التالية :-
§ ما هي العناصر التي يمكن والتي لا يمكن التحكم فيها لحل المشكلة ؟
§ من يمكنه المساعدة في حل تلك المشكلة ؟
§ ما هي آراء واقتراحات الزملاء والمرؤوسين لحل تلك المشكلة ؟
§ ما هي آراء واقتراحات الرؤساء لحل تلك المشكلة ؟
§ ما مدى تأثير وتداعيات تلك المشكلة ؟
5- وضع البدائل الممكنة
تعرف هذه المرحلة بأنها المخزون الابتكاري لعملية حل المشكلات ، حيث أنها تختص بإفراز أكبر عدد للأفكار مما يؤدي إلى تعظيم احتمالات الوصول إلى الحل الأمثل .
§ حصر جميع البدائل التي نري أنها يمكن أن تحقق الهدف
§ الابتكار و الإبداع في طرح البدائل
§ تحليل مبدئي لإمكانية التنفيذ
§ استبعاد البدائل فقط التي يتم التأكد من عدم قابليتها للتنفيذ
§ التوصل إلي البدائل القابلة للتنفيذ
6- تقييم البدائل
§ تهدف هذه المرحلة الي اختيار البديل الأمثل.
§ مراجعة الهدف من حل المشكلة.
§ وضع معايير للتقييم.
§ وضع أولويات و أوزان نسبية للمعايير.
§ دراسة كل بديل وفقا للمعايير الموضوعة.
§ التوصل إلي البديل الذي يحقق أفضل النتائج ” البديل الأنسب“.
7- تطبيق البديل الأنسب
الطريق الوحيد لمعرفة درجة فعالية البديل والمحك الوحيد له هو وضعه موضع التنفيذ الفعلي.
ويشمل التطبيق كل التعديلات الضرورية من إعادة التخطيط والتنظيم وكذلك كل الإجراءات والمتغيرات التنفيذية .
وللتطبيق الفعال يجب وجود خطة تنفيذية تفصيلية لتنفيذ دقائق العمل بفاعلية .
والخطة التنفيذية يجب أن تشمل ما يلي :
§ تحديد مراحل التنفيذ والخطوات في كل مرحلة بالتوالي .
§ تحديد توقيتات تنفيذ الخطوات والمراحل عن طريق Milestone Chart
§ تحديد من سيقوم بتنفيذ كل خطوة من الخطوات .
§ تحديد من سيراقب على التنفيذ .
8- تقييم النتائج
تعتمد مرحلة التنفيذ على المعلومات المرتدة عن التنفيذ في الجوانب التالية ؟
§ هل أنتج البديل المخرجات المطلوبة في التوقيتات المتوقعة و بالكيف المطلوب ؟
§ وتمتد عملية التقييم لتشمل الجوانب التالية :
§ درجة تحقيق الأهداف.
§ التقييم الذاتي للأداء
§ التداعيات الغير متوقعة لتنفيذ البدائل .
بعد تجميع هذه العوامل للوصول إلى رؤية شاملة لتقييم البديل و في حالة وجود تقييم سلبي ، يتم الرجوع إلى الخطوة الأولى .
وفي الختام:
"إذا أحسَّ أحدٌ أنه لم يُخْطئ أبدًا في حياته، فهذا يَعني أنه لم يجرِّب أيَّ جديد في حياته"؛ ألبرت أينشتاين.
المصدر: - جمال يوسف الهميلي , الاستمتاع بحل المشكلات . - دكتور مهندس/ إبراهيم الغنام .
0 التعليقات: