يعتمد تخطيط العمل على وضوح العقل. هذا، ما رأيناه في الجزء عن "التفكير وفنّ الكينونة" ما يتم اكتسابه بسهولة بالممارسة المنتظمة للتأمل التجاوزي. ما لم يتم التفكير بالعمل بشكل صحيح ويتم التخطيط لخطوات الأداء بشكل صحيح، تبقى العملية الكاملة للعمل خاضعة لكلّ الاحتمالات غير المحددة للفاعل ولكلّ أولئك المعنيين به.
في الأزمنة الحديثة، عندما يكون هناك ضغطاً للإكمال السريع للعمل، يصبح من الضروري جداً التخطيط الصحيح للتنفيذ الفعّال للعمل. هناك قول شائع "انظر أمامك قبل أن تقفز".
من أجل العمل الصحيح يكون التخطيط الصحيح شيء حيوي. يعتمد التخطيط الفعّال بشكل أولي على حالة العقل وبشكل ثانوي على لظروف والمصادر المتوفرة. يجب على الفرد أن يراجع مصادره دوماً قبل المباشرة بالعمل. إن مسح المصادر وتقدير إمكانيات كسب مصادر إضافية، أو إكمال العمل بالمصادر المتوفرة، هو جزء ضروري من تخطيط.إذا تسلم التعهّد وعي صافي وموسّع، فتجيء المصادر طبقاً للحاجة. في حالة الوعي المتطوّر جداً، من النّادر وجود حاجة للتخطيط. في مثل هذه الحالات، ما يأتي على العقل يقود العمل، وتزوّده الطبيعة بالمصادر لاكتمال العمل. لا تفكّر الأنفس المتطوّرة بما تقول، فتتكلّم كما تشعر؛ تجد أحاسيسه تعبيرها الملموس في النتائج، ويلي النجاح تطلّعاتهم. تؤمن الطبيعة الاكتمال لرغباتهم. لا يوجد أي خطة. من الضروري فقط البدء بالعمل، والعمل بنفسه سيعتني بنفسه، ويليه النجاح طبيعياً. إنّ قوة الطبيعة كلها هي داعمة لمثل هذا التعهّد.
هكذا، نرى بأنّ أفضل طريقة للتخطيط التلقائي هي برفع وعي الفرد إلى مستوى الوعي الكوني، حيث ستكون كلّ قوات الطبيعة القوية باعثة لتحقيق الرغبة. هذه التقنية الأكثر فاعلية، وبالرغم من أنّها من دون أيّ تخطيط واضح مطلقاً، فتكمن قدرة مثل هذا التخطيط التلقائي أثناء مراحل تنفيذ العمل في كسب حالة تكون قريبة كل القرب من الوعي الكوني، من خلال الممارسة المنتظمة للتأمل التجاوزي.
إن خطة الانتظام في أداء التأمل صباحاً ومساءً، سيؤدّي إلى تخطيط تلقائي للتنفيذ الصحيح والفعّال لكلّ تعهّد.
لكن، ولكلّ الغايات العملية في الحياة، ولحين ارتفاع الوعي إلى درجة عالية بما فيه الكفاية، من الضروري، قبل البدء العمل، النظر في البيئة المحيطة والظروف وتقدير إمكانية الأداء الناجح بالنظر للمصادر المتوفرة. إنّ عامل الزمن أيضاً هو عامل مهم في ميكانيكية تخطيط لعمل. لكن، وبالرغم من أن مثل هذا التخطيط يبدو تافهاً عندما ننظر إليه من حالة متطورة إلى حد كبير من الوعي، من الضروري أن يكون عملياً وواقعياً على مستوى وعي الفرد. "أن نكون واقعين" يتطلّب منا أولاً أن نعيش ضمن وسائلنا. في حال وجود كمية معينة من المصادر، نبدأ العمل بعد التخطيط لإكمال العمل بهذه المصادر.
عندما نعالج أهمية التخطيط، يجب أن نذكر أيضاً بأنّ الآلات الأوتوماتيكية هي التي تنتج المنتجات المثالية والخالية من خطأ، لكن، إذا لم تكن أوتوماتيكية، قد لا تكون يصل المنتج إلى نهايته. إذا تمكنا من اعتماد نظام التخطيط الآلي، ويتحقق برفع وعينا إلى حالة حيث يحدث التخطيط وتنفيذ العمل بشكل آني وبأسلوب أوتوماتيكي، عندئذ، وبالطبع، ستكون فرص الاختلاف والخطأ أقل بكثير. لكن طالما نحن لم نكتسب مثل هذا الحالة العقلية، فتكون منفعتنا في قضاء بعض الوقت في التخطيط الصحيح.
إذا كان التخطيط كفءً جدًا، سيستغرق العمل بالتأكيد وقتاً أقل بكثير ويتم انجازه بأقلّ كمية من الطاقة، ما ينتج النتائج القصوى ضمن الظروف. لكن يجب أن يكون هناك حدّ للتخطيط.
من المؤكد أنه يجب أن لا نهدر الكمية الكبيرة من الوقت على تخطيط، وإلا سوف لا نحقق كثيراً غير ذلك في الحياة. يجب أن ينجز التخطيط بشكل صحيح، لكن عامل الزمن، الذي هو العامل الأكثر ثمناً في الحياة، لا يجب أن نتغاضى عنه. خلال الممارسة المنتظمة للتأمل التجاوزي، يجب أن نغرس الوعي الأسمى بأسرع ما يمكن لتطوير الرؤية الواسعة والبصيرة والتفكير الواضح والحدس وقوّة الخيال والدقّة في تفكير، مع كشف كلّ القدرات العقلية التي تشكّل القاعدة للتخطيط الصحيح. وهكذا، ومن أجل اكتساب الجودة في تخطيط، إن تحقيق الوعي الكوني يجب أن نضعه هدفاً لنا، والذي سيخلق ظروفاً مناسبة "للتخطيط الأوتوماتيكي". هذا ما يزوّدنا بالمفتاح الرئيسي إلى الاقتصاد الناجح في كلّ حقول الحياة، الذي هو الغاية الرئيسي للتخطيط.
0 التعليقات: