وهي وظيفة تصف الحالة الداخلية للفرد، التي نطلق عليها الشعور (وهي الخبرة الذاتية التي يدركها الفرد، كحالة داخلية، مثل السرور والحزن)، وما يصاحبها من تغيرات فسيولوجية داخلية، والتي تسمى بالانفعال، (وهي حالة الحيوية، التي تنشأ عن التغيرات الفسيولوجية الحادثة، كاستجابة لشعور ما، وتميل إلى المحافظة عليه أو إلغائه). لذا، فالوجدان يتكون من شقين، أحدهما خارجي، وهو الوجدان، أي أنه الانفعال، الذي يلاحظه الآخرون المحيطون بالشخص، كتعبير لشعور داخلي. بينما الشق الآخر داخلي، لا يمكِن ملاحظته، ولكنه خبرة ذاتية. أما الحالة الوجدانية Mood ) (فتصف الانفعال، الذي يبقى لفتـرة، ويلون أفكـار الشخص وسلوكـه تجـاه العالـم ـمن حوله، وهي حالـة مؤقتة، إذا قورنت بمـزاج الشخـص المميـز (Temperament)، الذي يُعَدّ التهيئة الانفعالية المتأصلة لدى الشخص، فتجعله يتفاعل بطريقة معينة مع المثيرات والمواقف، ويتحدد الانفعال مبكراً في حياة الفرد. ويمكننا أن نشبه الحالة الوجدانية بالحالة الجوية، التي تصف تغيراً مؤقتاً في حالة الجو، بينما نشبه المزاج بالمناخ، الذي يصف حالة شبه دائمة من الحرارة والبرودة. فمثلاً قد نعرف عن شخص أنه مرح، فهذا هو مزاجه المميز له طوال حياته. ولكن أن يكون متضايقا لعدة أيام، فهذه حالة وجدانية مؤقتة كالحالة الجوية، لا تلبث أن تتغير، وقد تشتد فتكون مَرضية تستحق العلاج. وهناك أشخاص ذوو مزاج مرح. أما ذو المزاج القلق، فهو الشخص الذي يسيطر عليه القلق، كسمة ثابتة طوال حياته، وليس مرضاً. وثمة ذو المزاج الاكتئابي، الذي نطلق عليه (النكدي). وهناك ذو المزاج المتقلب بين المرح والاكتئاب، أو ما يُسمى بصاحب المزاج الدموي.
ومراكز الوجدان في الدماغ، هي الجهاز الطرفي (الانفعالي)، وقشرة المخ، حيث يستقبل المثير، عبْر الحواس، وتمر المعلومات المتعلقة به إلى قشرة المخ المناظرة (حسب نوع المثير، بصري أو سمعي … إلخ). فيتم إدراكه، ويؤدي الارتباط بين مناطق قشرة المخ المختلفة، إلى بعث كل الذكريات المرتبطة بالمثير. كما ترسل، في الوقت نفسه، إشارات إلى الجهاز الانفعالي لإحداث الحالة الانفعالية المناسبة. ويؤدي المهيد، كأحد أجزاء الجهاز الانفعالي، والمتحكم في نشاط الجهاز العصبي المستقل (السمبثاوي ونظيره) دوراً مهماً في الانفعال. فينشط الجهاز السمبثاوي ، إذا كان المثير يتطلب إعلان حالة الطوارئ في الجسم، والاستعداد للقتال، أو الهرب. وينشط نظير السمبتاوي، إذا كان المثير باعثاً على الطمأنينة والاسترخاء، في الوقت نفسه، الذي يرسل فيه الجهاز الانفعالي إشارات إلى قشرة المخ لإحاطتها بمعلومات عن الانفعال الموجود. فمثلاً، إذا حدث زلزال شديد، فإن الشخص يدركه، ثم تعمل قشرة المخ على بعث الذكريات والأخطار المرتبطة بالزلازل، في الوقت عينه، الذي ترسل فيه إشارات إلى الجهاز الانفعالي، الذي ينشط، بدوره، الجهاز السمبتاوي (الذي يُعِدّ جسم الإنسان لمواجهة الخطر، فيزيد من سرعة ضربات القلب وسرعة التنفس، ويزيد الدم إلى العضلات والمخ، وتتسع فتحة إنسان العين، إلى آخر تلك التغيرات، التي تُعِدّ الإنسان للقتال أو الهرب)، ويأخذ الإنسان قرار الهرب من مكان الزلزال، أو الاحتماء المناسب، الذي يراه.
ويلاحظ أن الانفعال يتشابه في حالات الخوف والخجل والغضب، على الرغم من اختلاف الشعور الداخلي في كل منها. وذلك لأن ردود فعل الجهاز العصبي متشابهة. ومن ثم، فإن المحدد لنوع الانفعال، هو الشعور أو التفسير الذاتي له .
يتأثر الانفعال بحالة الوعي والانتباه والإدراك والخبرة السابقة، بالمثير (الذاكرة). وللانفعال فوائد، أهمها: أنه يُعِدّ الفرد لمواجهة المثير (بالاستعداد للقتال أو الهرب). ويعطي التعبير الانفعالي ترابطاً بين الأشخاص، وفهماً اجتماعياً متبادلاً، من طريق المشاركة الوجدانية. فمثلاً، عندما نقابل إنساناً، ويبتسم لنا ابتسامة، تعبّر عن سروره بلقائنا، فإن هذا سيولد شحنة انفعالية طيبة، داخلنا، تجاهه. كما أن الانفعال يولد شحنه داخلية، تُعَدّ الوجود الداخلي للرغبات والدوافع، التي ينشأ منها التفكير والسلوك الموجَّه نحو الأهداف.
● اضطرابات الوجدان
يمكن أن يضطرب الوجدان، في صورة من الصور الآتية:
أ. التهيئة العاطفية الشاذة: أي الاستعداد النفسي غير الطبيعي. ويحدث لدى الأشخاص غير الأسوياء، الذين تكون أمزجتهم شاذة، مثل المزاج سريع الاستثارة، أي الذين يستشيطون غضباً لأتفه الأسباب، فيثورون ثورة عارمة، من دون مبرر يستحق. كذلك، الذين يتميزون ببرود عاطفي، ونقص الانفعالات، فلا يعبرون عن انفعالاتهم. وهؤلاء لا يريحون من يتعامل معهم، إذ لا يدري أراضون هم أم ساخطون؟! ويكونون كأنهم مرتدين أقنعة،
تخفي تعبيراتهم، فلا يظهرون استحساناً أو استياء.
ب. التعبير عن الانفعالات بطريقة مَرضية، أو غير عادية
(1) انشقاق الوجدان: وهو تفاعل دفاعي، لاشعوري، ضد القلق. إذ يتجنب الشخص القلق، بأن يصبح في حالة انفعالية، مختلفة عمّا هو مفترض أن يظهر عليه، ويصف ما حدث بأنه كان خائفاً (مثلاً) إلى درجة أنه لم يشعر بأي شعور، أو كان شعوره غامضاً، غير الخوف، ويحدث هذا في المواقف المثيرة للقلق الشديد، لدى بعض الأشخاص.
(2) فقدان الشعور والتعبير: يفقد المريض الخبرة الانفعالية، وكذلك، القدرة على التعبير الانفعالي. ويصبح متبلداً انفعاليا. مثل مريض الفصام العقلي، الذي يكون فاقداً للشعور والتعبير.
(3) عدم التمايز: إذ يشعر المريض بالشعور المناسب، ولكنه لا يستطيع التعبير عن ذلك. فهو يخبر الشعور، ولكنه لا يظهر عليه التعبير الانفعالي في أي صورة.
(4) الارتباك الانفعالي: ويشير إلى الارتباك، الذي يحدث في حالات القلق وانحجاب الوعي، والفصام الحادّ.
(5) التناقض الوجداني: إذ يظهر المريض تفاعلاً، يتناقض مع مشاعره الداخلية.
(6) التقلب الوجداني: وهي حالة التغير الانفعالي، من نقيض إلى نقيض، بسرعة، من دون سبب مناسب. وهذا يحدث في حالات الفالج (الشلل النصفي) الناجم عن تلف في المخ، يؤثر في مراكز الانفعالات.
(7) الضحك القسري والبكاء القسري: يعبّر المريض بالضحك أو البكاء، في غياب السبب المناسب.
وهناك اضطرابات انفعالية، مثل القلق والهلع والاكتئاب والرهاب.